Friday, April 29, 2005

إذا اختلف اللصان

تقول الحكمة القديمة "إذا اختلف اللصان ظهر المسروق"، وهذا ما نراه في العلاقات المصرية الأمريكية مؤخرا. كانت الولايات المتحدة، و منذ منتصف السبعينات، الشريك الرئيسي في حكم مصر، و لم تكلفها تلك الشراكة سوى مليارين من الدولارات سنويا في صورة معونات هي في حقيقتها رشوة للنظام. بالتأكيد الصفقة رابحة، فثمن أفغانستان و العراق تعدى ال82 مليار، و في ظل عدم الاستقرار في الغنيمتين الجديدتين من المتوقع أن يتضاعف الثمن.ـ

أما عن الشريك، أو اللص، الثاني فهو بالطبع النظام الحاكم بجميع أركانه. و بالمناسبة النظام لا يقتصر فقط على النجم السينمائي الشاب محمد حسني مبارك، و إنما يتعداه إلى شلة من الانتهازيين و محترفي السلطة. بالتالي كانت أمنيات الجماهير بأن يعلن مبارك الأب اعتزاله السلطة على شاشات التليفزيون أكثر إضحاكا من "الثلاثية المقدسة" للموسيقار عماد الدين أديب. اختصار المصيبة السياسية التي نعيشها في شخص مبارك هو الكارثة الحقيقية، فالرجل ليس إلا ديكتاتورا ممن يمتلئ بهم العالم الثالث و رحيله سيفسح المجال لديكتاتور آخر، و على رأي المثل "اللي خلّف ما ماتش" - أقصد ما سابش الحكم.ـ

و المسروق؟ إحنا طبعا!!! مصر كدولة حرة و مستقلة، بأرضها و سمائها و سيادتها و - بسم الله ما شاء الله - السبعين مليون بني آدم اللي تايهين فيها. هذا هو المسروق. ما نراه من مظاهرات و مواقف شجاعة للقضاة و أساتذة الجامعات و بعض الصحفيين و الكتّاب هي من العلامات على عودة الروح تدريجيا إلى ذلك المسروق. لا يمكن أن ننكر أن اختلاف اللصين كان من دوافع ظهور ذلك المسروق، و لو تدريجيا، إلى النور. المطلوب الآن هو ألا نضيع الوقت في الفرجة على اللصين المختلفين - على اعتبار أننا أصبحنا من محترفي الفرجة - و نلتفت إلى التغيير الحقيقي الذي بدأ بالفعل، و الذي لا يجب أن ينتهي مع إسدال الستار عن مسرحية إنتخابات الرئاسة.ـ

Friday, April 22, 2005

فيلم العيد - أنا لا أكذب و لكني أتجمل 2

ترقبوا قنبلة الموسم: فيلم العيد و المولد و شم النسيم. الفيلم الذي سيحطم شبابيك التذاكر و يمكن شبابيك البيوت. الكوميديا الاستعراضية اللي حتموّتك - خللي بالك، يمكن فعلا تجيلك السكتة القلبية - من الضحك. فيلم من 3 أجزاء، و لا الأب الروحي بتاع كوبولا. الفيلم الذي سيحقق المعادلة الصعبة بين الفانتازيا السياسية و التراجيديا الواقعية. و أخيرا، الفيلم الذي سيثبت شعار "اللي يخاف من العفريت يطلع له .. في التليفزيون"ـ


إنتاج: اتحاد الإذاعة و التليفزيون (لصاحبه الحاج أنس الفقي و شركاه)ـ


قصة و سيناريو و حوار: عماد الدين أديب (بالتعاون مع أسامة الباز و زكريا عزمي و بقية الشلة)ـ


تصوير: 6 كاميرات عشان الجمهور يشوف البطل من كل الزوايا، خصوصا وشّه "الفوتوجينيك"ـ


موسيقى تصويرية: عمار الشريعي (خسارة يا عمار)ـ


إخراج: شريف عرفة (بعد الإرهاب و الكباب جَه دور الهباب)ـ


بطولة: المعلم الكبير، و مين عارف، يمكن كمان البيه الصغير و بقية الفاميليا


الأفيش بالصفحة الأولى بالأهرام
22/4/2005

Wednesday, April 13, 2005

في ذكرى الحرب الأهلية اللبنانية - 13 أبريل 1975

يبدو أن أبريل هو من أشهُر الكوارث الكبرى في التاريخ العربي الحديث. من دير ياسين إلى بحر البقر، و من قانا إلى سقوط بغداد، و بالطبع بداية الحرب الأهلية اللبنانية التي دامت ما يقرب من 15 سنة. ما زلت أذكر صور انفجارات و اغتيالات لبنان في نشرات الأخبار، و ما زلت أذكر بعض مشاهد الاجتياح الإسرائيلي لبيروت في فيلم "ناجي العلي" للعبقري عاطف الطيب، و مازلت قلقاً مما يحدث في لبنان هذه الأيام.ـ

و لكن عليَّ أن أعترف بأني لم أكن أعرف الكثير عن تلك الحرب حتى قرأت رواية صنع الله إبراهيم "بيروت .. بيروت". كانت تلك الرواية ضمن ما اشتريت من كتب في زيارتي الأخيرة لمصر، و ظلَّت على أحد الأرفف إلى أن التقطتها أصابعي عشوائيا عندما تذكرت أنني سأحتاج إلى ما أقرأه خلال رحلتي القصيرة إلى مونتريال. كانت الرحلة لإنهاء بعض الأعمال، و لكني اخترت ذلك الموعد لأتمكن من أن أحضر الحفل الغنائي لفيروز في نفس يوم وصولي إلى مونتريال. أثناء انتظاري لموعد إقلاع الطائرة بدأت في قراءة الرواية، و دُهشت من البداية التي سَرَدت عملية التفتيش الدقيقة التي عانى منها الكاتب في مطار القاهرة في طريقه إلى بيروت. دُهشتُ لأني كنت لتوي قد مررت بعملية تفتيش مشابهة، كما هو معتاد لأصحاب الملامح الشرق أوسطية في المطارات الأمريكية. حاولت أن أتجاهل تلك المصادفة و أكملت القراءة، و لكنها، و ياللعجب، لم تكن مصادفتي الأخيرة مع تلك الرواية.ـ

يحاول صنع الله إبراهيم أن يروي قصة الحرب من خلال قصة كاتب مصري يحاول أن ينشر إحدى رواياته في بيروت أثناء الحرب. تشعر من الأحداث بأن لبنان كانت حَلَبة لصراع تعدَّى اللبنانيين إلى العديد من القوى الإقليمية الأخرى التي قررت أن تستغل الأحداث المشتعلة في ذلك البلد الذي أصابته لعنة الجمال. تحاول أن تقاوم ذلك السؤال الذي يقفز إلى ذهنك كلما تقفز من صفحة إلى أخرى: كيف لذلك الشعب المسالم العاشق للجمال أن يرضى بأن يكون القاتل و الضحية في حرب يديرها و يمولها الآخرون؟ تقفز إلى ذهنك أيضا تلك الصور التي نراها يوميا للعراق. هل يمكن أن تصل الحالة العراقية إلى هذه المرحلة؟ ماذا عن السودان؟ الجزائر؟ ماذا عن مصر؟ هل سنظل في سباتنا إلى أن نصبح حطبا لنار حرب لا ناقة لنا فيها و لا جمل بعد أن أصبحنا صفرا كبيرا على يسار الساحة السياسية للشرق الأوسط؟

عودة إلى فيروز التي جاء ذكرها أيضا في الرواية، فهي القاسم المشترك الوحيد في إذاعات الطوائف المتحاربة. لحسن الحظ لم يخضع ذلك الصوت الفريد لأيٍ من التصنيفات الطائفية. اتفقوا على فيروز و اختلفوا على كل شيء، تماما كما اتفق الآلاف من العرب الذين حضروا ذلك الحفل الرائع فى قاعة ربما تكون الأكبر في مونتريال. نجح صوت فيروز، بالتعاون مع كلمات و ألحان عاصي و منصور و زياد، في أن ينسيني الرواية التي لم أكن قد أتممت قراءتها بعد. ظلت تلك النشوة تسري في عقلي لساعات، إلى أن استيقظت في اليوم التالي منفتح الشهية على غير العادة. أسرعت إلى مطعم الفندق لألحق بموعد الإقطار، و قبل أن تمتد يدي إلى ما أحضرته من طعام إلتقطت أذني كلمة "لبنان" تنبعث من جهاز التليفزيون القابع أمامي مباشرة في المطعم. قرأت العنوان المكتوب بالفرنسية التي لا أتقنها أسفل الشاشة، و لكني استطعت أن أميِّز كلماتٍ ثلاث: إغتيال، رفيق، الحريري. كانت تلك صدفتي الأخيرة مع بيروت بيروت التي أتممت قراءتها خلال رحلة العودة، سائلا الله أن تظل تلك الأحداث الدامية حِكراً على الماضي.ـ

Friday, April 08, 2005

ـ26 يناير 1952

في ذلك اليوم احترقت القاهرة، و مازلنا حتى يومنا هذا لا نعرف من كان "نيرون". تذكرت ذلك النيرون المجهول عندما قرأت خبر انفجار الأزهر بالأمس. طبعا قائمة الاتهام الشعبية تضم المتهمين المعتادين: الجماعات المتطرفة، الإخوان المسلمين، المخابرات الإسرائيلية أو الأمريكية(كما هي العادة في كل مصيبة)، و أيضا النظام المصري على اعتبار أن قانون الطوارئ كان يحتاج إلى ما يثبت أننا ما زلنا في أشد الحاجة إليه. بصراحة أعتقد أن الفاعل سيظل مجهولا بغض النظر عن المئات، و ربما الآلاف، الذين تم اعتقالهم بالفعل.ـ

بعيدا عن الفاعل المجهول، من الصعب أن نتعامل مع هذا الحادث كمجرد عملية إرهابية بغرض ضرب السياحة و الضغط على النظام. بالطبع ستتأثر السياحة سلبا، و ستزداد الضغوط، الإقتصادية على الأقل، على النظام، و لكن السياق هنا مختلف. يبدو الأمر أشبه بانفجارات بيروت في الأسابيع القليلة السابقة، و التي تبدو لأول وهلة كما لو كانت صفحة من صفحات الحرب الأهلية اللبنانية، و لكنها في الحقيقة أقرب إلى ورقة من أوراق اللعبة السياسية في لبنان، في وقت ما زال فيه اللاعبون خلف الستائر.ـ

فلنتذكر فقط أن القاهرة إحترقت بعد يوم واحد من مذبحة الشرطة بالإسماعيلة، و قبل ستة أشهر من حركة الجيش في 23 يوليو، و مازال الفاعل مجهولا. ليست هذه نبوءة بأن النظام سيتغير بعد ستة أشهر، و لكنها فقط دعوة إلى التفكير فيما وراء الإنفجار بدلا من أن ننتظر إنفجارا أكبر.ـ

Sunday, April 03, 2005

ما غريب إلا الشيطان

إستغرب السيد أحمد أبو الغيط وزير خارجية مصر المحروسة من تكريم إسرائيل لأبطال فضيحة لافون، الأحياء منهم و الأموات، بعد ما يزيد عن 50 سنة من الفضيحة. أكيد طبعا هو مستغرب لأن الإرهابيين الذين ارتكبوا تلك العمليات لم يصبحوا وزراء في الحكومة الإسرائيلية حتى الآن.ـ

Saturday, April 02, 2005

جيل الإسم الثلاثي

ما أن تسمع أو تقرأ إسما ثلاثيا لشاب أو شابة من جيلنا الجديد - نسبيا - حتى تنسى الإسم الأول و تقفز إلى ذهنك صورة الأب. فبعد أن كانت الأسماء الثلاثية، و أحيانا الرباعية، تستخدم فقط في الأوراق الرسمية لزوم الروتين، أصبح الإسم الثلاثي من علامات عصر التوريث، و الذي تضاءلت فيه أهمية كفاءة الفرد بالمقارنة بكفاءة الأب.ـ

انتشرت الأسماء الثلاثية بسرعة في أوساط الممثلين و المخرجين و المطربين - مجازا- و لاعبى كرة القدم، بل و حتى في انتخابات مجلس إدارة نادي الزمالك. أما بالنسبة للأطباء فحدِّث و لا حرج، فمن المعروف أن أولى إرهاصات عصر التوريث جاءت من كليات الطب، و التي يحتكر فيها أبناء الأساتذة مناصب المعيدين بعد التخرج لضمان "الاستمرارية العائلية في الكلية". و طبعا عدوى كليات الطب بدأت في الانتشار إلى الكليات الأخرى، و ما حدِّش أحسن من حد - بالطبع أقصد الكليات، مش الطلبة. ـ

المهم أنه بعد كل هذا يستبعد البعض أن يمتد التوريث إلى الحكم. إذا كنا، كمجتمع، قد رضينا بالتوريث في الكثير من المجالات، فما وجه الدهشة إذا ما وجدنا أنفسنا قد عدنا إلى عصر الأُسر الفرعونية حيث تظل الأسرة في الحكم إلى أن تطيح بها أسرة أخرى. ساعتها سنسمي الأبناء خوفو أو خفرع، عسى أن يصبح أحد الأحفاد رئيس حي الهرم.ـ